قصة صاحب الحديقة من صحيح السيرة النبوية

قصة السحابة التي أُمرت أن تسقي حديقة الرجل الصالح

بسم الله الرحمن الرحيم. أيها الاخوة والاخوات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أهلا وسهلا بكم  في أول موضوع من قصص القرآن والسنّة. الذي جعلناه في قصصٍ وعبرٍ من كتاب الله جل وعلا ومن سُنّة النبي صلى الله عليه واله وسلم، ومما ذكر أهل التاريخ والسير. هذه القصص لا نذكرها من أجل التسلية بل من أجل الفائدة.

قصة صاحب الحديقة

معنا اليوم قصة صاحب الحديقة، قصة عظيمة من القصص التي رواها النبي صلى الله عليه وسلم تتعلق بالصدقة والنفقة. وما رواها ﷺ إلا لعبرة من العبر وفائدة من الفوائد. وسوف نذكر هذه القصة وما فيها من فوائد وعبر. فما هي قصة السحابة التي أُمرت أن تسقي حديقة الرجل الصالح؟

قصة صاحب الحديقة من صحيح القصص النبوي الشريف

وُردت إلينا قصة هذا الرجل الصالح "قصة صاحب الحديقة" في السيرة النبوية التي روها لنا الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -.

 يروي أبو هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بينا رجل بفلاة من الأرض فسمع صوتاً في سحابة يقول: اسقِ حديقة فلان، فتنحى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرَّة، فإذا شرجة من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله فتتبع الماء فإذا رجل قائم في حديقته يحوِّل الماء بمسحاته، فقال له: يا عبد الله ما اسمك؟ قال: فلان، للاسم الذي سمع في السحابة، فقال: يا عبد الله! لِمَ تسألني عن اسمي؟ قال: إني سمعت صوتاً في السحاب الذي هذا ماؤه يقول: اسقِ حديقة فلان لاسمك، فما تصنع فيها؟ قال: أمَّا إذا قلتَ هذا، فإني أنظر إلى ما يَخرج منها فأتصدق بثلثه، وآكل أنا وعيالي ثلثاً، وأردُّ فيها ثلثه). ¹⁾

⁽*⁾ أما قصة صاحب الحديقة في ذِكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن رجل في زمن من الأزمان كان يمشي في أرض فلاة. ومرَّ سحاب فوقه فسمع صوتا داخله. ـ تخيل أنك تمشي في صحراء وتسمع صوتًا فوقك داخل السحاب. ـ  قال سمعت صوتًا داخل السحاب يقول إسقي حديقة فلان؛ فزع الرجل وتعجب، فإذا بالسحاب يتحرك ويتجه بإتجاه. هذا الانسان الآن أخذه الفضول ليعرف من فلان؟ وهل الأمر حقيقة؟ و ما سمعه وهم أو حقيقة؟ فأسرع بإتجاه السحاب يريد معرفة أي مقصد له.

اتّجه السحاب إلى مكان ثم أرعدت السماء فنزل المطر. ـ يقول ـ فرأيت الماء يتجمع في وادي حيث يتجمع كله في مكان واحد ثم يسير في ذلك المجرى. فأخذ الرجل يتبع الماء وإذا به يرى الماء يصل إلى مزرعة من المزارع في الصحراء، لها ثمار وجنان في الصحراء نفسها والغيم يتّجه إليها وينزل عليها الماء. ـ شيء غريب أليس كذلك! ـ. يقول فإذا بالماء يصل الى تلك الحديقة والمزرعة، وإذا برجل يوجه الماء إلى داخل حديقته؛ يمنع من هذا المكان ويسير إلى هذا المكان حتى سقى الماء الزرع كله. يقول فجئت إليه وسلمت عليه: من صاحب المزرعة؟ قال انا صاحب المزرعة، قال: ما أسمك؟ قال إسمي فلان. ـ نفس الإسم الذي سمعه في السماء! ـ.

 تأكد الرجل أن الذي سمعه ملك من الملائكة. ملك يأمر ملك السحاب أن يأتي بالماء وبالمطر إلى حديقة فلان في الصحراء اتجهي إلى حديقة فلان. الآن تأكد الرجل أن الأمر ليس بخيال بل حقيقة، والملك أمر السحاب أن يسقي تلك الحديقة من بين مزارع الناس وخيرات الناس. ـ يقول ـ فقصصت عليه القصة لمّا سأل: لما سألت عن اسمي؟. فأخبره الخبر وما سمع. ثم قال له: أسألك بالله أخبرني لِما السحاب يسقي حديقتك من بين الناس؟. فقال الرجل: أما وإنك قد سألتني سأجيبك، قال: أنا ازرع هذه المزرعة فإذا حصدت جعلتها ثلاثا. قال: فآكل وعيالي ثلثه، وأتصدق بالثلث، والثلث الأخير أرجعه في المزرعة.⁽*⁾

إثبات كرامات أولياء الله

أولاً: الإيمان بأن الله عز وجل يمكنه أن يتدخل في الطبيعة والأحداث ويجعلها تخدم أو تتجاوب مع أوامره وقضائه.

ثانيًا: تشير القصة إلى أن هناك علاقة خاصة بين الله وأولياء الله، حيث يمكن لله أن يكرمهم بطرق تجلى فيها قوته وقدرته على التحكم في الأمور الطبيعية، مثل توجيه السحاب لسُقيا حديقة معينة أو بستان خاص. هذا يشير إلى أن أولياء الله هم أشخاص متفردين اختارهم الله ليكونوا محط اهتمامه ورعايته.

ثالثًا: تشير القصة إلى أن تلك الكرامات تحدث نتيجةً لصلاح صاحبه وإنفاقه في سبيل الله. يعني ذلك أن أولياء الله الذين يحظون بهذه الكرامات هم أشخاص بارين ومتقين قد أنفقوا جهدهم ومالهم في سبيل خدمة الله والمجتمع.

ملاحظة
إذن، القصة تشير إلى الإيمان بوجود كرامات تجلى الله من خلالها في دعم ورعاية أوليائه الصالحين الذين يخدمون الله بإخلاص ونفاٍذٍ.

فضل الإنفاق في سبيل الله ودعم الأهل

رابعا: القصة تُسلط الضوء على فضل الإنفاق في سبيل الله ودعم الأهل والأولاد.

خامسا: تُظهر القصة أيضًا أن الله سبحانه وتعالى يكافئ المحسنين ويرعاهم في الدنيا والآخرة. يُذكر أن الله يعوّض الشخص كلما قدَّم من نفقته لري مزروعاته بمياه تجري بشكل طبيعي، دون أن يحتاج لجهد إضافي. هذا يأتي كمكافأة لإخلاصه وتفانيه في خدمة الله وعباده.

« آية قرآنية » ⁽²⁾
﴿ مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم ﴾

إمكانية سماع صوت الملائكة

سادسًا: القصة تشير إلى أن يكون لبعض الأشخاص القدرة على سماع أصوات الملائكة.

أهمية الحكمة في التصرف المالي

سابعًا: القصة تسلط الضوء على أهمية الحكمة في التصرفات المالية. يتعين على الإنسان توزيع دخله بحسب نسب معينة بحكمة وتخطيط جيد. يجب أن يكون لديه فهم واضح لراتبه الشهري وعوائده وكيفية إدارتها.تقسيم الدخل إلى أقسام محددة وإنفاق كل جزء في مصروف معين يُعد عملاً حكيمًا وشرعيًا. هذا النوع من التخطيط المالي يعكس البصيرة والتفكير العميق والحكمة في الإنفاق، وهو ممارسة مألوفة منذ الأزمنة القديمة.

الأصل والأفضل إخفاء الأعمال الصالحة

ثامنًا: القصة تشير إلى أهمية إخفاء الإنسان لعمله الصالح وألّا يجاهر به كأسلوب أساسي وأفضل . ينبغي للإنسان الحفاظ على تلك الأعمال وعدم المجاهرة بها وذلك لتجنب التفاخر والرياء. ومع ذلك، إذا كان هناك حاجة أو مصلحة شرعية تستدعي الكشف عن هذه الأعمال، دون نية للمباهاة أو تحقيق سمعة، يمكن أن يتم الكشف عنها بحذر.

« آية قرآنية » ⁽³
﴿ يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم ﴾


◈֍◈
نرجو أن تكونوا قد استمتعتم بالموضوع

📖 المـراجـع:

1.¹⁾ المصدر : [حديث صحيح] رواه مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب الصدقة في المساكين، برقم (2984).

2.⁽*⁾..⁽*⁾ المصدر عن لسان الشيخ نبيل العوضي، قصة صاحب الحديقة (اليوتيوب). -بتصرف- .

3.⁽² المصدر :[سورة: البقرة | الآية:261].

4.⁽³ المصدر :[سورة: البقرة | الآية:276].